5 الوصول إلى اليونان


وصلت الضفة الأخرى، تفحصت الخريطة وأدركت أني مازلت في تركيا.
تابعت طريقي غربا بين المحاصيل و أراضي شاسعة، لا أثر لبني إنسان، بعد مشي طويل صادفت لوحة كبيرة، اقتربت منها، مكتوب عليها بالعربية
 "خطر منطقة عسكرية" "Warning military zone" وبعدة لغات أخرى ومرسوم عليها جندي ببندقية. عرفت بعد ذلك أني قريب جدا من الحدود. بدأت أتمشى بروية وأنا حادر رأسي قليلا. بعد 15 دقيقة من المشي وصلت سياج معلق بلافتة مكتوب عليها "Danger mines" معناه خطر ألغام.
















لا يمكن عبور السياج فإنه من النوع المشوك ووراءه الألغام طبعا، تمشيت مع السياج نحو جهة اليمين لعل أجد نهاية له، بعد وقت قصير وجدت طريقا يمر من وسط حقلي ألغام أظن أنه طريق الدورية، مررت منه بسلام وبحدر شديد كي لا أفاجأ بالعسكر، بعد ذلك وصلت خندق كبير وغارق طوله 10 أمتار نحو الأسفل، من شدة الظلام لم أكن أرى القاع لهذا بحثت عن عصى طويلة لأتفحصه، خفت أن تكون هناك ألغام أو ماء غارق. وجدت غصن طويل، نزلت مع جانب الخندق كان شديد الإنحدار، حتى اقتربت القاع وتفحصته بالغصن وتيقنت أنه صلب ولا وجود لألغام. نزلت تمشيت وصعدت بصعوبة إلى الجهة الأخرى.
من بعيد أرى ضوء منبعث. عرفت أنها قرية يونانية واتخدت ذلك الضوء وجهتي، نظرت إلى الوراء واستغربت لأنني من بعيد أرى جامع إدرنة الكبير، سبحان الله و يا له من منظر، أظن أن حتى صوت الآذان يصل اليونانيين.
















مرت 8 ساعات منذ خروجى من المحطة، بدأت أتعب و بشدة أتمشى، وصلت طريقا سيارا، نظرت إلى اللافتات وأرى كتابة يونانية، أدركت أني وصلت ولكن أردت أن أدخل القدر المستطاع لأنني كنت أرفض فكرة تسليم نفسي، كان هدفي الوصول للقرية وتبديل ملابسي وإكمال الطريق إلى العاصمة.
قطعت الطريق بسرعة، تسلقت سياج، وتخطيت قنطرة صغيرة فوق واد صغير، ودخلت إلى الأراضي الزراعية متجها نحو ضوء القرية.
وصلت القرية مرهقا، الكل نائم، أسمع فقط خطاي على الطريق المعبدة المؤدية لوسط القرية، هناك وجدت مكان مغطى يحتوي مقاعد طويلة وهو عبارة عن غرفة لصناديق بريدية لسكان القرية، استلقيت على مقعد، كان جسدي دافئا من كثرة المشي، نمت.
نشفت من العرق ثم بدأ جسدي يبرد. استيقظت من البرد، غيرت ملابسي، وجدت صنبورا، غسلت وجهي، قليل من الذهنة لشعري، أصبحت أنيقا من جديد.
في الصباح رأيت مقهى صغيرة تفتح أبوابها، كان الجو باردا لذلك قصدتها متكلا على الله، دخلت ثم جلست لأتدفأ، صاحبها رجل مسن، سمين وبشوش، سألني ماذا تشرب؟ قلت له بالإنجليزية قهوة بحليب وسكر من فضلك.
أشرب منها وأحس بجسدي ترجع فيه الروح.
من شدة الفضول قال لي بالإنجليزية من أي بلد أنت ؟
 قلت له بكل ثقة  من هولاندا. لأنني رغم ذلك لم أثق فيه.
ههههههه هههههههه ههههه ضحك بشدة.
قال لا تكذب علي، أنا صديق، من أين أنت؟ باكستان؟ أفغانستان؟
قلت له بسرعة لا لا أنا من المغرب، تعرف المغرب؟
قال بالطبع، ولكنهم قليلون هنا، نصادف الباكستان والأفغان بكثرة.
قلت في نفسي يجب أن تذهب لأثينا لترى المغاربة والجزائريين كم هم...
سألته ما اسم هذه القرية؟ قال شتيرنا Sterna.
سألته كيف أذهب لتيسالونيكي؟
 قال كل ساعتين تمر حافلة صغيرة من القرية تأخدك إلى أورشيادة ORESTIADA ب 3 يورو، بعد ذلك تركب حافلة إلى تسالونيكي THESSALONIKI.
جلست في المقهى حتى اقترب موعد مرور الحافلة، شكرته على ضيافته أديته ثمن القهوة، وودعته.
ركبت إلى آخر محطة وهي أمام محطة الحافلات في أورشيادة Orestiada
(تنطق بالشين في اليونان)، دخلت واشتريت تذكرة إلى تسالونيكيThessaloniki ب45يورو(للعلم فثمن التنقل في اليونان مرتفع)، هناك التقيت بمغربي اسمه خالد، هو أيضا أتى نفس اليوم من تركيا لكن مع حراق أدى له 500يورو، أتى بهم من إسطانبول في سيارة كبيرة وهم 10 أشخاص ومكثوا بمنزل على الحدود، ومررهم مشيا حتى أورشيادة.
على الساعة 9 انطلقت الحافلة، تحدثنا، كل يحكي مغامرته الصغيرة، وخططه المستقبلية. أعطاني رقم ابن خالته، هو في اليونان منذ مدة و يتواجد بمدينة إكومنيزيا Igoumenitsa، قال نذهب عنده فهناك يمر الحراقة من الميناء إلى إيطاليا.
غلبنا النعاس حتى وصلنا محطة حافلات تسالونيكي، نزلنا جلسنا في مقعد، قال لي خالد لباسك أنيق لا تثير أي شبهة و تتكلم إنجليزية من الأفضل أن تدخل أنت (مكان الشبابيك فكل اتجاه له شباكه الخاص) وتسأل عن ثمن التذكرة وهاتف ابن خالتي وقل له أنني وصلت وأننا آتين إليك.
أعطيته حقيبتي الصغيرة ودخلت، وجدت شباك اتجاهنا، سألت عن الحافلة، قالت لي أن هناك رحلة واحدة وهي صباحا، لازم تنتظر حتى غد. إشتريت بطاقة مخدع الهاتف وهاتفت ابن خالته. أخبرته أننا آتين غدا إنشاء الله، سنتدبر حالنا ونبيت في هذه المدينة، ثم قال من الأحسن أن تكونا يقضين لأن تلك المدينة فيها مراقبة شديدة لأنها مكان سكنى رئيس اليونان.
محطة Thessaloniki 
















رجعت عند خالد، قبل أن أصل عنده، نظرت في اتجاهه لأفاجأ!!!!!!
 تجمدت في مكاني لم أستطع الحراك!!!!!!!
 فخالد جالس على المقعد و3 من أفراد الشرطة حوله يسألونه ويلتفتون يمنة ويسرى. بسرعة البرق استدرت وتمشيت مسرعا نحو المقهى، جلست، أتت الناذلة، قلت لها one Espresso please!
 لبست النظارات الشمسية، وأراقبهم من مكاني. كبلوه بMenotte وأخدوه.
 شرطي يفتش المحطة ذهابا وإيابا يبحث عن أحد ما، دخل المقهى، مر أمامي.
أنا أشرب القهوة بكل برودة كأنني يوناني وابن المدينة هههههه،
 بعد قليل رجع وفي يده حقيبتي! وضعها فوق المقعد الذي كان خالد جالس عليه وذهب. لقد نصب فخا ووضع طعما!!!!!!!
 فهمت أنه كان يبحث عن صاحبها، وأعجبني خالد لأنه لم يدلهم على شيء، ونعم الرجل.
أتحدث مع نفسي هل أرجع للحقيبة أم أتركها؟! ففيها كل أغراضي، بالطبع لن أرجع لها وأقع في الفخ، لا أريد أن أضيع وقتي في السجن (من يقبض في هذه المدينة يرسلونه لسجن المهاجرين مدة 10أيام حتى20، على غرار مناطق أخرى حيث تخرج بعد 3 أيام). أكملت القهوة، ثم هاتفت ابن خالة خالد، حكيت له ما جرى، قال لي من الأحسن أن تخرج بسرعة من هناك إذهب إلى أثينا فهي أحسن حال، و كلها أجانب.
إشتريت التذكرة إلى أثينا، على الساعة الرابع زوالا انطلقت الحافلة، وأنا أفكر في خالد و أقول يا ترى ماذا يفعل الآن؟!
 كنت متعبا، نمت طوال الطريق حتى وصلنا أثيناAthens على الساعة 23h00.