7 مدينة إيكومينيزيا Igoumenitsa

igoumenitsa مدينة الحراقة بامتياز
في البداية أريد أن أحكي لكم القليل عن هذه المدينة.
يتمركز العديد من المهاجرين في مدينةIgoumenitsa في انتظار عبورهم إلى الضفة الأخرى، و تعتبر البوابة الكبرى إلى أوروبا لتوفرها على ميناء ترسو فيها بواخر كبيرة تقوم برحلات يومية نحو إيطاليا.
عند حلول الليل يلاحظ أي زائر جديد العدد الكبير من الحراقة الذين يتجمعون قرب الميناء، يحاولون عبور السياج المشوك للدخول و اصطياد فرصة للإختباء في الشاحنات أو الحافلات أو السيارات المتوسطة.
في الماضي كان الحراقة عبارة عن الألبان فقط، أما الآن فلا وجود لألباني واحد تجد فقط السودانيين و العرب و الأكراد، بنوا أكواخ بلاستيكية في الجبل المحادي للميناء يسكنون فيها حتى تأتيهم الفرصة،و منهم من يسكن في منازل مهجورة داخل المدينة.
الأكراد أغلبهم منبوذ في بلده، و لهم تجربة كبيرة في حياة البؤس، ما كون لديهم حس التضامن فيما بينهم، مما أدى إلى تكوينهم جماعة و تعيين قائد بينهم ليتحكموا في هذه المنطقة، و فرضوا على كل حراق جديد يأتي لهذه المدينة بدفع ضريبة لهم، هناك من دفع 20يورو
 و هناك من أدى حتى 100يورو ليبقى في هذه المدينة دون أن يقع في مشاكل معهم، و من يرفض الأداء يرغم على ترك المنطقة و ينذرونه ألا يرجع  و إذا صادفوه مازال في المدينة يعتدون عليه ضربا بالسلاح الأبيض أو حتى القتل، الكثير من الحراقة الذين لا حول و لا قوة لهم اعتدي عليهم من طرف هذه العصابة الكردية.
قبل الفترة التي وصلت فيها للمدينة بقليل، حكوا لي الحراقة أنه وقع اشتباك بين السودانيين
 و الأكراد، وكان عدد السودانيين أكبر منهم، و قامت معركة كبيرة بالعصي و الأسلحة البيضاء،
 و لقنوهم درسا حيث قتل منهم اثنين متؤثرين بجراحهم، مما أدى لهروب الأكراد من المنطقة.
المنظر من جانب الديسكو المهجور
















عند وصولي للديسكو المهجور وجدت كل واحد فارش المكان الخاص به بأغطية قديمة أو بما استطاع العثور عليه.
 قال لي محمد: تعال نم هنا إنه مكان صديقي توفيق لقد نجح هذه الليلة في الحرقة هو الآن على البحر نحو إيطاليا.
إستلقيت في الفراش و نمت و أنا أحلم بإيطاليا، فهي على لسان كل الحراقة هنا.
في الصباح استيقظت مع شروق الشمس لأن الجهة التي نمت فيها مكشوفة و على الشاطئ.














بعد ذلك أرى الكل يخرجون من مخابئهم الواحد تلو الآخر حتى امتلأ المكان بمجموعات، كل حراق مجتمع مع أبناء وطنه يتكلمون عن البارحة و الحراقة الذين مروا، هل وصلوا وهل هاتفوا أم لا، بعد ذلك يتوجه الكثير منهم إلى داخل المدينة لشراء ما يأكل إن كان لديه مال أو(الأغلبية) للتسول قرب المتاجر الممتازة، المهم في النهار لدى الحراق الوقت الكافي ليفعل ما يشاء قبل حلول الظلام و بداية الRisque.
اتصلت بابن خالة خالد و لكن لا يجيب، لا بأس تعرفت بالكثير من الإخوان هذا اليوم،
أعطوني معلومات كافية عن الشاحنات و الحافلات و كيفية الدخول إلى الميناء، لأن ملابسي مازالت نظيفة و أنيقة، و لأنني جديد هنا و الشرطة لا تعرفني، نصحوني بالدخول عبر المكان الذي يدخل منه المسافرون كي أتجنب السور المشوك.
 المسافرون يدخلون من مكان إسمه الكافيتيرياCafetaria فيها مقاه و محلات تجارية، و فيها باب الدخول إلى الميناء يحرسه شرطي طابع الجوازات، و باب آخر بعيد عنه يفتح أتوماتيكيا للخارجين من الميناء، لهذا كان السبيل الوحيد للدخول، رغم أن الشرطة تراقبه أحيانا، فقط يجب الجلوس في مقعد على مقربة منه و انتظار حتى يفتح للخارجين من الميناء و تمر بسرعة قبل أن يغلق دون أن تراك الشرطة.
cafetaria من الخارج


















وصل الليل و ترى الحراقة يجتمعون شيئا فشيئا أمام الميناء كأن سهرة غنائية ستبدأ، دخلت الكافيتيريا، إشتريت شيبسChips و قنينة كولاCola للتمويه كأنني فعلا سائحا، جلست في المقعد المقابل للباب، شرطيان يحرسان الباب و يرجعان كل من دخل منه و يأمرانه بالدخول من الباب الذي يطبع فيه الجواز، لم تحن الفرصة، مرت الآن ساعة و أنا أنتظر، ذهبا الشرطيان أظنها مناوبة، طلبت الله أن يأتي أحد الآن ليفتح الباب لأن هذه هي الفرصة، بعد قليل قبل أن ترجع الشرطة أتى أحد المسافرين، فتح الباب و مررت بسرعة، أخيرا دخلت إلى الميناء.
















               أتجول و أتفحص الشاحنات بدقة و حدر، مرت نصف ساعة و أنا أتجول كمعظم المسافرين، وصلت باخرتان كبيرتان، و بدأت الحركة، كل الشاحنات في الصف مستعدات للدخول، إنتهزت فرصة و دخلت تحت واحدة، استلقيت و وجدت المكان المناسب و بقيت فيه، الشاحنة كل دقيقتين تسير ببطئ متجهة نحو الباخرة، الصف طويل و أسمع السائقين يتحدثون فيما بينهم لتمضية الوقت، مرت قرابة ساعة و أنا تحت الشاحنة، تعبت من الإنتظار، الدخان و الحرارة ، و لكن صبرت لأن إيطاليا تناديني، حتى اقتربت الشاحنة من الباخرة، جاء أحد الحراقة و دخل في الصندوق الجانبي للشاحنة، لم يحترس و دخل بسرعة و أثار ضجة سمعها السائق، نزل صارخا و هرب الحراق، ثم بعد ذلك جاء يتفحص الشاحنة بأكملها و وجدني مستلقيا في مكاني و صرخ بشدة بكلمات غير مفهومة أظنها بلغارية، ما فهمته فقط هو POLICE !!!!!!!!!!! ، خرجت بسرعة من الجهة الأخرى و هو ينادي الشرطة.
بعدت عنه بأمتار ثم أرى رجل بزي مدني يقترب إلي، رأيته و عرفته من الشرطة و جريت بكل قواي و بدأ بالجري ورائي لإمساكي، لم أدع له الفرصة، جرينا الميناء بأكمله ذهابا و إيابا و الحراقة من وراء السور يضحكون من منظر القط و الفأر، حتى تعب و قال لي صارخا: فيكي Figi!!!!!!!!!!! .
 و صرخ محمد ضاحكا من وراء السور: قال لك إخرج من الميناء!!!!!!!!
قلت له: من أين؟ !!!
 قال: اخرج من باب السيارات لن يمسكوك همهم الوحيد هو أن تخرج من الميناء!!!!!!!
 و كان ذلك. خرجت من مكان دخول الشاحنات.
وصلت عند محمد و قال: لقد أصبحت كلك متسخا، أين كنت؟
قلت : تحت الشاحنة، كادت أن تدخل إلى الباخرة، تبا للحظ السيء!!!
قال: لا عليك غذا تعاود إنشاء الله،  فنحن هنا منذ شهور و لم نيأس.
قلت: هذا ما لا أتمناه، أن أبقى هنا لفترة طويلة.

رجعت للديسكو خائبا، كان الحال باردا و جلسنا حول نار، الكل يحكي أحلامه و مغامراته.
الحراقة 














              مغربي إسمه منعم حكى لي أنه قبل فترة وجيزة جرب الرحلة البرية مع بعض أصدقائه حيث ذهبوا إلى ألبانيا و لكن لم ينجحوا في الرحلة، أمسكتهم الشرطة هناك و أرجعتهم لليونان.
سألته عن التفاصيل و كيف مر هو أصدقاؤه و ماذا كانت خطته، قال لي أن الشرطة اليونانية على الحدود غير مهتمة، و أنهم مروا نهارا دون مشاكل، فقط عبروا وادا جافا و صعدوا بعد ذلك بين هضبتين و هاهم في ألبانيا.
قال: لو كنا إثنين فقط، و كان عندي مزيدا من المال لنجحت الرحلة.
قلت له: إن شاء الله سأذهب برا إن لم ينجح الRisque، لا أريد أن أضيع وقتي هنا.
بعد حديث طويل ذهبت لأنام، متمنيا في الغد فرصة أحسن، قرأت آية الكرسي حتى غلبني النوم.
في اليوم الموالي استيقظت باكرا كما العادة، قليل من الشامبو و الصابون من عند الأصدقاء ثم نزعت ملابسي لأستحم في البحر، غسلت بعض الثياب من أوساخ الشاحنة و نشرتها لتجف.
وراء الديسكو المهجور














في الزوال دخلت إلى وسط المدينة لأشتري ثيابا جديدة، لأن هذه لن تنفعني رغم أنني غسلتها و لم تعد أنيقة، وجدت محل ملابس صيني بأثمنة مناسبة، إشتريت سروال، قميص،، و الكل مجموعه 45يورو.
لبست الملابس الجديدة، قليل من الذهنة و أصبحت أنيقا من جديد منتظرا نزول الظلام بفارغ الصبر.
وصل الليل و كالبارحة أنا جالس داخل الكافيتيريا منتظرا الفرصة، دامت مدة الإنتظار هذه المرة ساعتين حتى استطعت الدخول للميناء.
اليوم لدي خطة أخرى في ذهني و هي الدخول مباشرة إلى الباخرة مع المسافرين.



















أتجول بين الشاحنات و الحافلات، الميناء يمتلئ شيئا فشيئا بالمسافرين حتى وصلت اللحظة التي رست فيها الباخرة و كونوا صفا، أخدت مكاني بينهم كمسافر عادي، لم يشك بي أحد، كنت فقط خائفا أن تتذكرني الشرطة مما وقع البارحة.













فتح الباب الكبير و طلبوا منا الدخول، دخلت معهم حتى وصلنا مكان اكتظ فيه المسافرون و هو باب صغير به سلم يؤدي إلى داخل الباخرة، لم أر جيدا ما بالداخل، فقط إنتظرت الفرصة بين الإزدحام لأدخل، بعد دقائق وصلت، ما أن دخلت، ألتقي بجمركي واقف في الركن و يطلب من كل مسافر جوازه قبل أن يصعد للأعلى، قال لي: جوازك، و تذكرة الباخرة.
يدي نحو جيبي كأني أريد أن أخرج منه شيئا.
و قلت بسرعة بالإنجليزية: أظن أني أضعت محفظتي، سأذهب لأفتش عنها.
لم أنتظر إجابته، و بسرعة غادرت الباخرة، و الشرطة على باب الباخرة تنظر إلي لم يفهموا شيئا، هل هذا المسافر أخطأ في الباخرة?!!!
لم أكثرت لهم، و توجهت نحو الكافيتيريا لأخرج خائبا للمرة الثانية، توجهت للديسكو، لم أكلم أحدا، إستلقيت و أنا أنظر إلى البحر، أرى أضواء الباخرة تبتعد شيئا فشيئا، ذكرتني هذه اللحظة بميناء طنجة، و أحسست بنوع من الظلم و عدم الحرية، تيقنت أن أوراق الإقامة الأوروبية لها دور كبير جدا في الإحساس بالحرية، فهمت إذن أن هذه المغامرة لها معنى و هدف مفيد و لن تذهب كل هذه الجهود سدى.
على صوت الأمواج نمت.
في الصباح كالعادة لا شيء جديد، فقط كل واحد يحكي عن تجربته البارحة، قال لي محمد: لقد وقع مشكل اليوم، قام بعض العرب بسرقات وسط المدينة البارحة، لا محالة أن الشرطة ستقوم بحملة و تعتقل كل من تصادف، قد يدوم ذلك 3أيام.
و كان ذلك بالفعل، إعتقلت الشرطة كل من تصادفه داخل المدينة، و لم نستطع أن نبتعد عن نواحي الديسكو، والآخرين دخلوا أكواخهم في سفح الجبل.
اعتقل قرابة 200شخص، للأسف كان محمد واحدا منهم، لم يستطع أن يصبر دون تدخين سيجارة فذهب للمدينة ليشتري علبة دخان و لم يرجع.
هذا اليوم كان مستحيل علينا أن نقف قرب الميناء، لهذا قضينا أول الليل جالسين حول نار ندفئ أنفسنا و كل يحكي شيئا ما، تكلمنا عن البلاد، و عن أكلات المغرب التي يشتاقون لها، معظمهم هنا له فوق 4أشهر منذ خروجه من الوطن،
 ساهم الجوع و البرد في تَفَكُر و تلذذ "الكرعين"و "الكسكس" و "الطاجين" و "السردين المشوي" إلخ...
تركتهم ذاهبا لأنام  لأن الحديث معهم يحسني بالجوع و في بعض الأحيان بالشؤم لكثرة المحبطين بينهم، فالعديد منهم وصل إيطاليا أكثر من مرة و قبل خروجه من الميناء في إيطاليا يقبض عليه و يُرَجَّع لليونان، لأن من خرج من الميناء لا يُرَحَّل.
اليوم الموالي رجع بعض من الأكراد و قاموا باجتماع مع السودانيين طالبين المسامحة، شرحوا لهم أنهم إن رجعوا ليحكموا هذه المنطقة فهذا في مصلحة الجميع ليحدوا من السرقات التي يقوم بها العرب داخل المدينة، لأن هذا يؤدي إلى الحملات من طرف الشرطة و هذا ليس في صالح كل الحراقة، و اتفقوا بشرط ألا يطلبوا المال من السودانيين.
اتفقت المجموعتين و عقدوا الصلح، كأنني شاهد على عقد صلح بين دولتين، في الأخير هم حراقة فقط مثلنا مثلهم، همهم الوحيد الوصول إلى أوروبا، في تلك اللحظة لم أفهم شيئا من تلك الخزعبلات.
زوالا أتت مجموعة كردية من 6 أشخاص معهم زعيم إسمه أبا زاكي، فتشوا كل الأكواخ باحثين عن جدد دخلوا في فترة غيابهم، منهم أنا طبعا، فتشوا الديسكو المهجور أيضا، أتى إلي واحدا منهم يتكلم العربية،
 قال: من أي نفر أنت؟
قلت: ما معنى نفر؟
 قال: معناه مجموعة كردية أديت لها المال.

 قلت: نسيت.

ثم نادى أبا زاكي.

 تبين لي من مشيته و نظراته أنه صارم و ثائق بنفسه،

قال: منذ متى و أنت هنا؟ 
قلت منذ شهر.
 قال: كذاب!!!!!!!!!!! لم أرك هنا من قبل.
 قلت: أنا هنا منذ شهر، إسأل أصدقائي.
 قال: سأقول لك كلمة واحدة، أد لي الآن دون كلام 100يورو أو خد أمتعتك و إذهب إلى "باترا"!!!!!!!!!!
قلت: باترا أحسن، ليس لدي مال.
قال: إياك أن أراك تجوب هنا في النواحي و المدينة، لقد حذرتك,فهمت??!!!
نظرت من حولي, رأيت كل العرب اندثروا، لا أحد هنا، يخافون من هذا المتعجرف، لا يريدون أن يزيدوا المشاكل فماشكلهم المعيشية تكفيهم، فهمتهم و أحسست
 بضعفهم و عرفت أن هذا الكلب يستغل الضعفاء.

 و لم أرض أن أعطيه و لو فلس واحد، منذ هذه اللحظة كرهت الكرد كرها كبيرا
(الله يسمح ليا).













جمعت أمتعتي و خرجت من الديسكو، ذهبت للمدينة، لم أصل المحطة، أردت أن أجرب الRisque و لو لمرة واحدة و أخيرة قبل ذهابي إلى باتراPatra.
حل الليل و نزلت للميناء، لاحظت أن بعض الأكراد يحرسون المكان، لم أرد أن أجازف، رجعت للمدينة الصغيرة و دخلت لمقهى أنترنيت و كما العادة أتصفح الخريطة، مرت ساعة و خرجت أبحث لعلي أجد مكان أنام فيه، بحثت عن منزل مهجور، بعد عدة ساعات وجدته، و لكن كيف أدخل فهذا شيء جديد علي؟!
لم يكن لدي خيار، يجب أن أفكر و بسرعة، لأن الشوارع بدأت تخلو و أنا لا أريد أن أنام في البرد.
بدون تفكير تسلقت سور الحديقة، بجهد و بمساعدة عصى حديدية استطعت أن أكسر جانب النافدة و فتحها.
دخلت، شعرت بالدفئ، و تفحصت المنزل في الظلام، كان منزل جميل فيه كل شيء، تبين لي أنه مهجور منذ مدة طويلة، لكثرة الغبار فيه.

كنت جائعا، دخلت المطبخ و فتشت الخِزَانَة بحثا عن الأكل، الحمد لله وجدت بعض مصبرات الخضر و السمك، فتحت الصنبور، تدفق منه ماءًا متسخا، و بعد مهلة وصل الماء الصافي، غسلت فرشاة و صحن من الغبار، فتحت المعلبات و سكبتها فيه، و بدأت آكل بنهم، و شكرت الرب على نعمته.

في الطابق الأعلى دخلت غرفة بها سريرا،هي غرفة نوم، نظفت المكان جيدا و نمت   و أنا أقرأ آية الكرسي داعيا لله أن ييسر لي أمري.
استيقظت باكرا، و خرجت من النافذة التي دخلت منها، تفحصت الجوار لكي لا أصادف أحدا من المارة، و تسلقت سور الحديقة إلى الشارع.
اتجهت إلى جهة الميناء، غير مكثرت للأكراد، الصباح لا يتجولون كثيرا في النواحي، بعد ذلك اتجهت نحو الديسكو لأسأل عن أخبار الأصدقاء.
 في ساحة واسعة قربنا لمحت معظم الحراقة واقفين في صفين أمام سيارتين كبيرتين.
سألت مغربي : ماذا ينتظرون هؤلاء؟ 
قال: إنها جمعية يونانية تساعد الحراقة، تأتي مرتين في الأسبوع إلى هنا، فالسيارة الأولى توزع الأكل، و الثانية فيها طبيب و ممرضتين يفحصون المرضى و يعطونهم أدوية مجانية.














اقتربت من المكان فقط فضولا، قال لي صديق واقف في الصف: من الأفضل أن تبتعد عن الجوار فالأكراد لم يأتوا بعد و لكن هناك مخبريهم من العرب أصبحوا كالكلاب عندهم، لذا توخ الحذر أخي.
ثم قال مسرعا: أنظر،أنظر. مشيرا إلى صبي كردي ممتطيا دراجة عادية و ذاهب للمدينة.
قال: هذا الصبي هو مخبرهم الكبير، لا تثق فيه، و لا تدعه يراك.
لم أستطع الإنتظار و ذهبت لوسط المدينة لأمكث هناك في مقهى أو حديقة حتى وصول الليل و أرجع للميناء.
الصبي الكردي مع والديه على الجبل، كل من كان من الحراقة في Igoumenitsa  يعرفه












لتمضية الوقت جلست في حديقة صغيرة، المكان هادئ و الجو جميل، أشاهد السياح   و المارة و البواخر الجميلة على البحر.
وقف أمامي رجل في الثلاثينيات من عمره، كان وحده،
قال لي بعربية ركيكة: من أي نفر أنت؟
عرفته كردي، قلت: أنا جديد، و لكن لم يلق لي هذا المكان سأذهب لمدينةPatra.
قال: تذكرت وجهك البارحة، و قال لك أبازكي أن ترحل!! و رأيتك تتجول هنا منذ الصباح!!!
ثم أضاف: يجب أن تؤذي ثمن الجلوس هنا!!! و لا تتلاعب معي، فهذا لن يعجبك!!!.
قلت:ماذا تعني ب لن يعجبني؟! كل ما في الأمر ليس لدي المال لأؤدي لكم!!!
قال: تكذب، لا يمكن!!!! سأفتش جيوبك!!!
بكل ثقة أمسكني من عنق معطفي بيده اليسرى و أراد التفتيش بيده الأخرى.
أنا اندهشت للموقف، هذه ثقة نفس زائدة عن حدها؟!!
 لم أشعر بنفسي حتى ضربته بجبهتي على أنفه، تبعتها بلكمة يسرى سال بها الدم من أنفه المكسور، و ضربته بكل ما أوتيت من قوة بلكمة يمنى على فكه و سقط مغمى عليه.
من شدة تعصبي أشتمه بالدارجة و أنا أبصق عليه، جرى بعض اليونانيين نحوي يسألونني باليونانية، لم أفهمهم، في ما بعد فهمت أن معنى كلمة كليفتيسcliftiss معناها السارق، أرادوا أن يسألوني هل حاول سرقتك، ظنوا أني يوناني والكردي أراد سرقتي لم أجبهم، تجمهر العديد من الفضوليين حوله، و خشيت أن تقبض علي الشرطة، هربت و دخلت لمقهى أنترنيت، بعد ساعتين خرجت وصادفت مغربي من مراكش تعرفت عليه في الديسكو المهجور، قال: ماذا فعلت؟ فجماعة كبيرة من الأكراد تبحث عنك، يعرفون أوصافك وأنك مغربي، يحملون سيوفا، يفتشون عنك في كل الأماكن.

قلت: أراد الكلب أن يفتش جيوبي، ولقنته درسا،"باش إعرف لمغاربة شحال إسواو".
قال:"أوالله إلى عبرتي على مو" و"ضصارو الكرديين بزاف"!!

لكن أنصحك يا أخي أحسن لك أن ترحل الآن إن أمسكوك ستقتل دون رحمة، ولا أحد من العرب سيساعدك، الله غالب لقد رأيت حالتهم.


بسرعة رجعت للمنزل المهجور، لم أنتبه للمارة ودخلت لأن الوقت ليس في صالحي، صعدت لغرفة النوم و فتحت خزانة، أخذت بعض الملابس التي تناسبني، و نظفت نفسي، وخرجت مسرعا نحو المحطة، كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، تذكرت كيف ذهب الأخ منعم لألبانيا، ولم يكن لدي خيار إلى بتجربة هذا الطريق لأن حافلة باتراPatra ذهبت، و لا توجد إلا حافلة ذاهبة إلى الحدود الألبانية واسم المكان ساكياداSagiada، إشتريت التذكرة، ثمنها 3يورو فقط.
بقيت داخل المحطة حتى وصلت الحافلة، لأن الأكراد وجواسيسهم منتشرين في كل الأماكن، خصوصا عند باب المحطة ليبتزوا كل قادم جديد من الحراقة.
إنطلقت الحافلة وبعد نصف ساعة وصلنا إلى الحدود، وقفت، نزل المسافرون واتجهوا صوب الجمارك، وبقيت لوحدي واقفا لا أدري أين أذهب، لمحت عن يميني Caravan على شكل مقهى، اتجهت بسرعة نحوها لكي لا تراني الشرطة واقفا هناك، جلست وطلبت منه كالعادة قهوة بالإنجليزية : One espresso please!!!.
كان رجلا كبير السن ضحك في وجهي وقال:Ok,no problem!!!!!!.
كأنه فهم مقصودي من الجلوس هناك.



يتبع...(جزء 8 ألبانيا)


فيديوهات عن الحالة في Igoumenitsa و Patra :


 مظاهرة ضد الحراقة في igoumenitsa 01/2011



 مظاهرة ضد الحراقة في igoumenitsa 05/2011


هذا الطبيب قابلته يساعد الحراقة و يعطيهم أدوية مجانية و هنا يحكي و يتأسف لحال الحراقة و الطريقة التي تدخلت بها الشرطة و أخرجوا من Igoumenitsa.





صور من Igoumenitsa بدون تعليق :