2 الهجرة الثورية

مع دخول سنة 2010 أصبح هدفي الوحيد هو كيفية الوصول إلى أوروبا، لا أفكر إلا في كيفية الخروج من هذا المأزق أو بالأحرى من هذا السجن الكبير، لأنني لم أعد أُحِس بالحرية، بل سجين بين حدود الدولة، لي الحق فقط في التجول داخلها وممنوع الخروج!!!
حاولت مرتين بالطريقة القانونية الحصول على تأشيرة شينغن من السفارة ( ... ) ومرة من القنصلية الإسبانية باءت كلها بالفشل، ضَيَّعت الوقت والمال( تقريبا ما قدره 1500يورو بين مصاريف التنقل،الفندق،الفيزا،إلخ... )













شعرت بالإحباط وازداد كرهي لهذه القوانين التي تكبل الشباب داخل قفص وطنهم.
مرت الأيام ونصحني صديق بشراء عقد عمل لإطاليا أو إسبانيا، بحثت، سألت والتقيت برجل يعيش في الديار الإطالية، قال لي أن لديه عقد عمل لمدة 9 أشهر ثمنه 6000يورو، طلب مني نسخة من الصفحات الأولى من جواز السفر، و أَصَرَّ علي أن أدفع له تسبيق يتمثل في 1000يورو، كان له ذلك، ذهب إلى إيطاليا واعداً إِيَّاي بالرجوع إلى المغرب بعد 3 أشهر ومعه العقد في إسمي لأدفعه للسفارة الإيطالية، مرت الأشهر والإتصال باقٍ بيننا عبر الهاتف، وصل الموعد وطلب مني مهلة شهر واحد نظرا لكثرة الطلبات، قلت لا مشكلة، مرَّ الشهر اتصلت به هاتفيا لأفاجأ أنه مغلق!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟
 حاولت مراراً و تكراراً، بحثت عن عائلته حتى وجدت رجلا قال لي أنه ابن عمه، سألته: هل ابن عمك بخير ؟! لأن هاتفه مغلق منذ مدة .
 قال: ما الحكاية؟!
 قصصت عليه كل شيء، وأعطاني جوابا كافيا: إن فلان نصَّاب ينصب على عباد الله فقد نصب حتى على فرد من عائلتنا والعديد من أصدقاء الحي، أنا شخصيا قطعت معه العلاقة منذ مدة طويلة،"غِيرْ نْسَى فلوسك أوخليها على الله هو إخلف عليك..."
صُدِمت، لأنني ضَيَّعْت الكثير من المال والوقت أيضاً، ولا نتيجة ولو حتى خطوة واحدة إلى الأمام نحو الهدف?!!!
مرت الأيام والصدمة تزول شيئا فشيئا، والثقة بالنفس ترجع تدريجياً.
بعد كل هذه المحاولات الفاشلة قررت أن أسلك طريق الهجرة الغير الشرعية، بالأحرى يجب تسميتها الهجرة الثورية، لأنك تثور وتخرج وتخطي جميع العقبات التي وضعوها ليحبسوك في السجن الكبير.

في هذه الآونة الأخيرة بدأت فكرة تركيا اليونان تنتشر بشكل كبير بين الشباب الراغب في الهجرة، حيث أصبح المرور من شمال المغرب إلى إسبانيا مستحيلا.
الكثير مَرُّوا من هناك ووصلوا إيطاليا،فرنسا،ألمانيا إلخ...

هناك من بقي في اليونان لأسباب عدة، وهناك من استسلم و رجع إلى بلده ليبدأ حياة جديدة.
بدأت في الترتيب لهذه الرحلة مادياً ومعنويا، لأنني لم أرد أن أفشل هذه المرة،
سألت الذين رجعوا من هناك عن أدق التفاصيل لرحلتهم، وسألت الذين ما زالوا هناك عبر النت عن الأوضاع ورحلتهم، حتى تبلورت لدي فكرة جيدة عن تركيا (المحطة الأولى) واليونان (المحطة الثانية)، أما كيفية الخروج من اليونان كانت مجهولة عند معظمهم، لأنها الأصعب حالياً، كانت هذه المحطة هي الأهم والأخيرة ، ولم أجمع معلومات كافية عنها، رغم ذلك بدأت أضع وأدرس خطة محكمة، وبدأ العد التنازلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.